أحمد المزروعي: SBC .. سيارة عالمية بمواصفات إماراتية قوتها 500 حصان وسرعتها القصوى 370 كم/ بالساعة

يهوى الابتكار والاختراع .. وضع اسمه إلى جوار عمالقة صناع السيارات.. بدأ هوايته عام 2000، بعد أن فتن بحب للسيارات، فقرر أن يصنع سيارة خاصة به بمواصفات إماراتية وقد كان.. قوبلت نسخته الأولى برفض المرور لها، لكنه لم يستكن أو ييأس، فقرر تلافي العيوب في النسخة الثانية، والتي وضعته في مكانة كبيرة بين المخترعين الإماراتيين ليس هذا فحسب بل والعرب..

لم يقف طموحه عند السيارات فقط، بل تارة نجده صانع "روبوت الهجن" (الركبي الإلكتروني)، وتارة أخرى يصنع جهازاً إلكترونياً لصيد الصقور، ومرة أخرى يدهشنا بدراجته الهوائية الرباعية الكلاسيكية  العائلية.. وقد حرص في كل اختراعاته على رفع شعار (صنع في الإمارات).. لا يقف أمام الصعوبات، فهو يراها علامة على نجاح خطواته ومسيرته.. إنه الشاب الإماراتي أحمد سعيد المزروعي.. الذي التقته "لايف العربية"، وكان معه الحوار التالي..

نود أن نتعرف إلى بداياتك مع الاختراعات؟

بدأت مشواري مع الاختراعات في عام 2000، وأنا بعمر الثامنة عشرة، عندما بادرت بتصنيع أول سيارة في الإمارات ذات دفع رباعي، وكنت أهدف من ورائها إلى الاختلاف عن بقية الموديلات الموجودة بالدولة، والحمد لله لاقت إعجاب الجماهير بشكل كبير وملحوظ، وفي الوقت نفسه قوبلت سيارتي بإشادة وسائل الإعلام المحلية.. وأكسبني هذا الاختراع الكثير من الخبرات خصوصاً ما يتعلق بتطبيق شروط الأمان والسلامة.

وما الذي دفعك إلى الاهتمام بالابتكار في عالم السيارات؟

منذ صغري وأنا أهوى فحص وتركيب القطع الميكانيكية عامة، وأعشق ميكانيكا السيارات بصفة خاصة، فقد تعلمت قيادة السيارات في عمر السابعة، ثم بدأت التعرف إلى ميكانيكا السيارات والأعطال التي تصيب غالبيتها، ومن ثم كنت أحاول إصلاحها، وكان لدى طموح بتصنيع السيارات، خصوصاً بعد دراستي لمكونات وأجزاء السيارة. ولا أخفيك سراً أشعر بأن هناك علاقة خاصة تربطني وتجذبني إلى السيارة، جعلتني هذه العلاقة شغوفاً بالسيارات ومعرفة مكوناتها وأهم أجزائها، والكيفية التي تعمل بها وسلبياتها وإيجابياتها.

مَن تعتقد أن له دوراً في زرع حب السيارات لديك؟

أول من زرع فيّ حب السيارات والدي بكل تأكيد؛ فقد لاحظ ولعي وعشقي للسيارات منذ أن كنت في السابعة من عمري، فقام بتعليمي قيادة السيارة، وقد دهش بسبب استيعابي الكبير لما يشرحه لي؛ خصوصاً وأنني مازلت في سن صغيرة، فصرت مغرماً بها، الأمر الذي خلق لدي دافعاً لمعرفة أدق التفاصيل عن السيارات كيف تصنع، طريقة عملها، مكوناتها، ومن أي شيء تصنع وغيرها من الأمور، كل هذا ولد لدي إصرار على إتقانها وقد كان فصرت أطلع على تفاصيلها الداخلية عن طريق إصلاحي لأي عطل يصيبها ما راكم عندي خبرات كبيرة حول مكونات السيارة وطريقة عملها.

هل لديك ورشة أو مصنع تقوم فيه بتنفيذ هذه الاختراعات؟

نعم أمتلك ورشة وأنا بعمر الثامنة عشرة، وفيها أجري اختبارات مشروعاتي، وهي ورشة مجهزة بكافة الاحتياجات والمعدات اللازمة لإجراء اختراعاتي.

هل كنت تخطط لأن تكون مخترعاً؟

حقيقة لفظة (مخترع) أطلقها علي الإعلام لتميزي، ولأنني اخترعت شيئاً جديداً. فقد كان أقصى طموحي أن أكون متميزاً ومن ثم أقدم شيئاً جديداً ومختلفاً، أستطيع من خلاله رفع (صنع في الإمارات)، وكانت البداية عام 2000 عندما صنعت سيارة مكشوفة للصحراء. حيث كنت أفكر في أن أبتكر سيارة لا يوجد لها مثيل واشترطت على نفسي شرطاً أن تكون صناعة محلية مائة في المائة، وبالفعل وفقت في صناعة سيارة ذات دفع رباعي وقد صممتها بطريقة مبتكرة وغريبة جذبت إليها الأنظار، وهذه السيارة عبارة عن مقعدين فقط ومزودة بأربعة إطارات، إلا أنها وللأسف الشديد رفض المرور تسجيلها لمخالفتها المواصفات الفنية المرورية، ومع ذلك لم يتسلل إلى قلبي اليأس فازددت إصراراً على صناعة سيارة تكون للإمارات من خلالها قصب السبق،  فعملت على صناعة سيارة أخرى محاولاً تفادي عيوب السيارة الأولى وفي الوقت نفسه عملت على تزويدها بعوامل الأمن والسلامة حتى تتوافق واشتراطات المرور، واستغرق العمل على صنع السيارة الجديدة عامين.

 وكيف جاءتك فكرة هذه السيارة؟

 كنت أمتلك سيارة لا تتماشى مع الظروف الصحراوية، وكانت دائماً ما تغوص إطاراتها في الرمال، ومنذ ذلك الحين قررت العمل على صناعة سيارة تكون من بنات أفكاري تكون مكشوفة وتلائم البيئة الإماراتية وتكون هدية لكل مواطن إماراتي يهوى التميز.

وما هي مميزات سيارتك؟

سيارتي تجمع بين الفخامة وقوة الأداء فهي عبارة عن ثلاثة موديلات مختلفة في موديل واحد، فمؤخرة سيارتي تشبه مؤخرة السيارة الصحراوية الباجي، أما تصميم المقدمة فقد صممت على هيئة السيارات الكلاسيكية القديمة، أما السيارة من الداخل فقد أخذت نمط السيارات الرياضية، وقد زودت سيارتي بماكينة سعة ستة سلندر، و16 فولتاً، وبقوة 500 حصان وتبلغ سرعتها القصوى تقريباً 370 كم/ بالساعة، وقد زود المحرك بطارد للعوادم ذي قوة مضاعفة لطارد العادم الموجود في السيارات العادية، كما تتميز سيارتي بصغر حجم الماكينة، ولذلك تتميز بخفة الوزن، وقد أطلقت عليها اسمSBC . ونجحت فعلياً في تسجيلها مروريا عام 2005.

لأي سبب يعود اختيارك لهذا الاسم؟

(يضحك) تلقيت تساؤلات كثيرة عن سر هذه التسمية، وكان جوابي إنه اسم ينبثق من فكرة السيارة التي تجمع بين خواص ثلاثة أنواع من السيارات وهي السبورت، الباجي والكلاسيك، ولذلك اخترت حرف (S) سبورت أو سيارات السباق، وحرف (B) أي الباجي للسيارات الصحراوية، وحرف (C) الكلاسيك أو السيارات القديمة، فهي اختصار لعبارة SPORT B GGY CLASSIC.

وهل استخدمت في صناعة سيارتك خامات محلية أم مستوردة؟

حرصاً مني على تحقيق أقصى درجات الأصالة والتفرد لم أشترِ أية قطعة من الخارج، بل اعتمدت على خامات محلية، فاستخدمت الحديد والمواد العادية الأخرى المستخدمة في صناعة السيارات مثل الفايبر والبلاستيك وقبل تجميع هذه المواد، كنت قد قمت بدراسة تصميم جديد للسيارة وفكرت في رسم مخطط لهذا التصميم حتى وفقني الله للشكل الحالي الذي تميز عن غالبية التصاميم الأخرى الموجودة في سوق السيارات.

هل كانت التكلفة المادية عالية؟

لم أعر التكلفة المادية اهتماماً، كل ما كنت أريد تقديمه هو شيء جديد ومتميز مهما كانت تكلفته، فقد كان تفكيري منصباً حول تقديم إنجاز في عالم السيارات يسجل باسم الإمارات.

وهل واجهتك صعوبات في طريق اختراع سيارتك؟

بالتأكيد لا يوجد نجاح من دون صعوبات تعرقل طريقه، ومن أبرز ما واجهني من صعوبات هو عوامل المقاييس والمواصفات وشروط الأمن والسلامة وغيرها من المواصفات القانونية للسيارة، وعندما ذهبت للمرور لتسجيل سيارتي الأولى قوبل طلبي بالرفض لوجود أخطاء في الأمن والسلامة وكنت مجبراً على تصنيع سيارة جديدة خالية من أخطاء السيارة الأولى.

وعلى أي شيء كانت تدور هذه الملاحظات؟

كانت تتعلق بعوامل الأمن والسلامة مثل الأبواب والمرايات والإضاءات الجانبية وحزام الأمان وغيرها. وكلها عيوب عملت على تفاديها في النسخة الثانية من سيارتي.

هل قمت بالاستعانة بأحد الخبرات الأجنبية في مجال تصميم السيارات؟

إطلاقاً.. كانت رؤيتي هي تصميم منتج محلي مائة في المائة؛ فأنا من قام برسم مخطط هذه السيارة وبعد رسومات عدة توصلت إلى مخططها بالشكل الذي هي عليه الآن.

هل قمت بتسويق هذا الاختراع؟

 نعم، قمت بتسويق سيارتي من خلال مشاركتي في العديد من المعارض داخل الدولة مثل مهرجان أبوظبي للسيارات ومهرجان دبي وعدد من معارض رأس الخيمة وغيرها من المعارض داخل الدولة، كما شاركت بأحد المعارض في دولة الكويت، ودائماً ما قوبلت اختراعاتي عموماً وسيارتي على وجه الخصوص بالتشجيع والدعم والمساندة والإشادة بإنجاز أول سيارة تصنع بمواصفات إماراتية خالصة.

وما أهم الجوائز التي حصلت عليها؟

حصلت السيارة على المراكز الأولى داخل كافة المهرجانات التي شاركت فيها؛ بالإضافة إلى شهادات تميز وتقدير. كما نلت جائزة أفضل اختراع سُجل في دولة الإمارات، وعلى المركز الثالث على مستوى الشرق الأوسط في مهرجان الكويت الدولي للاختراعات، وتم ترشيحي للمشاركة في معرض جنيف للاختراعات.

هل تلقيت طلبات من أي شركة بالمشاركة في تصنيع هذه السيارة؟

في الحقيقة لا توجد أي عرضت علي تبني هذا المشروع؛ وقد يعود هذا إلى أن الجهات الموجودة في الدولة هي مجرد توكيلات لتسويق السيارات العالمية، ولا تمتلك رؤية للعمل على إنتاج سيارات داخل الدولة.

هل هناك منتجات جديدة قمت باختراعها؟

نعم، في عام 2005 قمت باختراع روبوت لسباقات الهجن، وكان بمثابة إنجاز كبير في إدارة هذه السباقات.. والروبوت عبارة عن رجل آلي يثبت على ظهر الجمل، يقوم صاحبه بالتحكم فيه عن بعد عبر الريموت كنترول؛ حيث يتولى هذا الروبوت عملية ضرب الجمل على ظهره بالعصا التي يحملها بيده أثناء المسابقة، ومن ثم يوجهه إلى المسار الصحيح ويأمره بزيادة السرعة التي تمكنه من الفوز.. بمعنى آخر يقوم هذا الروبوت بدور الإنسان الذي يقود الجمل.

 ويحتوي هذا الروبوت على موتور وبطارية 24 فولتاً ونوعين من القيد أحدهما يعطي دوراناً كاملاً وسرعة وحمولة، والثاني يعطي نصف دوران للعصا، وقد استغرقت عامين في صنع هذا الروبوت والذي سوقته وبعت منه 200 قطعة، بعدها طورته حتى صار من الممكن التحكم به من مسافات أطول وزودته بسماعات تمكن قائده من التحدث إليه عبر الريموت كنترول، كما زودته بقاعدة تساعد على نقل الروبوت من جمل إلى آخر بسهولة، وليس كما يحدث حالياً من تثبيت تام للروبوت على ظهر الجمل، كما صار الروبوت الجديد يستطيع تحريك يده بزاوية 180  درجة، ما يتيح له تحكماً أكبر في سرعة الجمل، كما أصبح وزنه أخف والتحكم به ليس فقط بالريموت كنترول بل بالصوت، وقد استغرقت عملية تطويره عامين.. وأهدف من وراء اختراعي هذا تسويقه على مستوى دول الخليج العربي وقد أعددت استراتيجية خاصة لذلك في 2010.

وهل يصنع هذا الروبوت داخل الدولة؟

بعض الخامات التي تدخل في صناعة هذا الروبوت تصنع داخل الدولة، والمكونات الآخرى أقوم بتحديثها وتطويرها في سنغافورة.

هل هناك اختراعات أخرى بخلاف السيارة والروبوت؟

نعم، قمت بصناعة دراجة هوائية رباعية كلاسيكية. تسير بكل وسائل الطاقة مثل البترول والكهرباء والطاقة الشمسية، وأعمل على تطويرها لكي تسير بالغاز الطبيعي وبطاقة الهواء فهي دراجة صديقة للبيئة، ومن مميزات هذه الدراجة أنها عائلية. وأيضاً هناك جهاز لصيد الصقور، وهو جهاز مزود بكاميرا وشاشة ويتم التحكم فيه عبر الريموت كنترول، حيث ينقض الجهاز على الفريسة في جزء من الثانية.

في اعتقادك لأي سبب يعود قلة الاختراعات في العالم العربي؟

في معظم الدولة العربية يقف الدعم حجر عثرة في وجه كثير من المخترعين.. فالإنجاز يحتاج إلى أفكار، والأخيرة تحتاج إلى تطبيق ودعم مالي، وإذا توفر للكثيرين هذا الدعم أعتقد أننا يمكن أن نرى اختراعات عربية كثيرة فالإنسان العربي لا يقل بأي حال من الأحوال عن نظيرة الأمريكي والأوروبي، كل ما هنالك أن الظروف مهيأة لهم..  ولعل ما يدعم كلامي هذا ما نراهم من علماء عرب كثيرين تعج بهم الجامعات والمراكز البحثية العالمية المختلفة والذين يقدمون اختراعات أذهلت العالم كله فقط توفرت لهم الظروف المناسبة للعمل والإبداع.

ما أهم الاختراعات التي ستعلن قريباً؟

أعمل حالياً على دراسة اختراعات جديدة في مجال الطيور والصقور، فأنا أبحث عما نحتاجه في بيئتنا ومن ثم أعمل عل اختراع جهاز يلبي هذه الاحتياجات. وحالياً أمر بمرحلة انتقالية حيث نقوم حاليا بإنشاء مصنع جديد لتنفيذ كافة الاختراعات بدعم وتشجيع من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبالتنسيق مع صندوق خليفة لدعم وتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

هل تطمح إلى تسويق اختراعاتك عالمياً؟

بالطبع أطمح أن تجد سيارتي رواجاً عالمياً مثل الماركات العالمية الأخرى هذا بالنسبة للسيارة، أما عن اختراع روبوت الهجن فأطمح إلى تسويقه داخل دول الخليج العربي.

كلمة أخيرة توجهها إلى شباب المخترعين الإماراتيين؟

أنصحهم بالتركيز على ابتكار أفكار تتناسب وطبيعة البيئة الإماراتية.

التعليقات